الرئيسية اسئلة مصيرية أسئلة حول الروح القدس ماذا يعني الملىء بالروح القدس؟

ماذا يعني الملىء بالروح القدس؟

PDFطباعةأرسل إلى صديق

قال معلمنا بولس الرسول "لا تسكروا بالخمر الذي فيه عدم الصحة ، بل امتلئوا بالروح" (أف18:5( والترجمة الدقيقة لعبارة "امتلئوا بالروح" هي "دعوا الروح يملأكم ويقصد هنا الروح القدس.

على أساس أن الروح القدس ساكن فينا منذ أخذنا نعمة المعمودية وسر الميرون المقدس وأصبحنا هياكل الله وروح الله ساكن فينا "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم" (1كو19:6) ، "احفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا" (2تى14:1) .

والمطلوب منا أن نعطى الروح القدس الساكن فينا فرصة ليعمل وينتشر ويملأنا بنعمته وعمله الإلهي،ينتشر في كياننا طولاً وعرضاً وعلواً وعمقاً (أف18:3) ، أي في كل الإتجاهات،ولا يظل محصوراً محبوساً في داخلنا بدون عمل .

المطلوب منا أن نضرم أو نشعل موهبة الروح القدس التي فينا بممارسة وسائط النعمة والخلاص،ونزيل من أمامه العوائق كالخطايا والأخطاء وسلبيات الحياة،حتى نشتعل بلهيب نار الروح القدس ونصبح روحيين بدرجة عالية ونصل إلي "الإنسان الكامل ، إلى قياس قامة ملء المسيح"(أف13:4) .

الامتلاء بالروح القدس معناه أن يصير الروح القدس مالئاً كل كيان الإنسان وينفذ إلى كل الخلايا والذرات مثل شحنة كهربية دخلت ونفذت إلى كل خلية وذرة في كيان الإنسان حتى تخترق مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ (عب13:4) .

الامتلاء بالروح القدس،هو أن يصل الإنسان إلى حالة أن يصير عمل الروح القدس شاغلاً كل فراغ الروح والقلب بحيث لا يصبح للإنسان اهتمامات جسدانية أو عالمية وإنما تصير كلها اهتمامات روحية .

الامتلاء بالروح القدس ، هو أن يمتلىء قلب الإنسان بالروح القدس امتلاء كامل وأن يملك الروح القدس قلب الإنسان امتلاكاً كاملاً مثل الإسفنجة المغموسة في الماء ، فالماء يحاصرها من كل جهة ناحية "لأن محبة المسيح تحاصرنا" (2كو14:5) وتصبح الإسفنجة مشبعة بالماء تماما .

الامتلاء بالروح القدس ، هو أن نسلم أجسادنا لقيادة أرواحنا ، ونسلم أرواحنا لقيادة الروح القدس ، فنصل إلى درجة عالية من الروحانية،بحيث يرتفع كل شيء فينا إلى مستوى الروح ، حتى الجسد يتروحَن ، فالاحساسات والمشاعر والعواطف والوجدان والأهداف والممارسات تتروحن؛أي تشحن بقوة روحية ، بحيث تتنقى وتتقدس وتطرد العواطف والمشاعر الرديئة والشهوات الجسدانية الأرضية ويحدث صلح بين الجسد والروح ، حينما يخضع الجسد لأوامر الروح ، وينتهي الصراع التقليدي بينهما ، والذي قال عنه معلمنا بولس الرسول "اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد.لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد،وهذان يقاوم أحدهما الآخر ولكن الذين هم للمسيح يسوع قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات ، إن كنا نعيش بالروح،فلنسلك أيضا بحسب الروح" (غلا16:5،17،24،25) .

وأمامنا في الإنجيل نماذج عالية تشجعنا علي الإمتلاء بالروح القدس ، فالسيد المسيح مثلنا الأعلى مكتوب عنه أنه "كان ينمو ويتقوى بالروح،ممتلئاً حكمة ، وكانت حكمة الله عليه" (لو40:2)، ولما حل عليه الروح القدس في نهر الأردن"رجع من الأردن ممتلئاً من الروح القدس ، وكان يقتاد بالروح في البرية" (لو1:4) .

زكريا الكاهن أبو يوحنا المعمدان امتلأ من الروح القدس (لو67:1( .

يوحنا المعمدان نفسه امتلأ بالروح القدس من بطن أمه وسجد للسيد المسيح سجوداً روحانياً (لو41:1-44) .

الآباء الرسل حينما حل عليهم الروح القدس في يوم الخمسين "امتلأ الجميع من الروح القدس ، وابتدئوا يتكلمون بألسنة أخري (بلغات أخري) كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" (أع4:2) .

نقرأ في رسالة القديس بولس الرسول إلي أهل أفسس عن غنى المسيح الذي لا يستقصى (أف8:3) ، والتأييد بالقوة بروحه في الإنسان الباطن (أف16:3) ، والامتلاء إلى كل ملء الله (أف19:3)،كذلك نقرأ عن قامة ملء المسيح (أف13:4) ، كما نقرأ نصيحة أو وصية معلمنا بولس الرسول لنا "لا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة،بل امتلئوا بالروح" (أف18:5) ، فمن يسكر بالخمر فإنه يكسر الجزء الأول من الوصية،ومن يهمل في الامتلاء بالروح القدس ويبقي بدون امتلاء،يكون كاسراً لبقية الوصايا ، كمن يكسر وصية وجوب الصلاة أو الصوم أو العطاء أو المحبة،ويخسر خسارة كبيرة ويكون مجرماً في كل الوصايا،كما قال معلمنا يعقوب الرسول "من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة،فقد صار مجرماً في الكل" (يع10:2) .

إن روح الله القدوس يسعى لكي يملأ قلوبنا بقوته ونعمته ويغرس فينا عطشاً للامتلاء ، إنه يشتاق أن يملأ الأواني الخزفية،وهو لا يهدأ حتى يملأنا بالغيرة والحماس لحياة الامتلاء .

وعلينا أن نتجاوب معه ونعطيه الفرصة أن يعمل فينا بقوة حتى يجعلنا روحانيين ، فلا نقاومه كاليهود (أع51:7) ، ولا نحزنه بأعمالنا الشريرة (أف30:4) ، ولا نطفئه (1تس19:5) بخطايانا وعدم استماعنا لصوت همساته الحانية الرقيقة في داخلنا أن نعيش حياة التوبة والالتصاق بالله والسيرة المستقيمة المقدسة .

فوائد الامتلاء بالروح القدس

إذا امتلأنا بالروح القدس سننال بركات وفوائد كثيرة منها :

1 - الامتلاء بالروح القدس يثبتنا أكثر في المسيح :

إن هدف حلول الروح القدس هو أن يشهد للمسيح ويساعدنا نحن أيضا في الشهادة للمسيح،كما قال بفمه الطاهر "ومتي جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب ، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق ، فهو يشهد لي،وتشهدون أنتم أيضا لأنكم معي من الابتداء " (يو26:15،27) . الروح القدس يجعلنا نعرف سر المسيح، وقيمة عمله الخلاصى لنا

قال الرب "أما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمى فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو26:14) ، وحينما نعرف كل شيء عن المسيح نحبه أكثر ونلتصق به ونثبت فيه أكثر ، خصوصا أنه يلح علينا كثيراً جداً أن نثبت فيه لأجل منفعتنا نحن ، يقول: "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو4:15). "الذي يثبت فيَّ وأنا فيه ، هذا يأتي بثمر كثير،لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يو5:15) . " إن ثبتم فيَّ وثبت كلامي فيكم،تطلبون ما تريدون فيكون لكم" (يو7:15) . " أثبتوا في محبتى" (يو9:15) . "كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم" (يو11:15) .

الروح القدس بعمله القوي يحفر في أعماقنا صورة المسيح الحي الممجد،كما يقول الرسول بولس "ونحن جميعا ناظرين مجد الرب يسوع بوجه مكشوف كما في مرآة ، نتغير إلي تلك الصورة عينها من مجد إلي مجد كما من الرب الروح" (2كو18:3) ، أي تتغير صورتنا لتكون مثل صورة المسيح،كما يشتهي معلمنا بولس الرسول لأجلنا قائلاً "يا أولادي الذين أتمخض بكم إلي أن يتصور فيكم المسيح" (غل19:4) .

الامتلاء بالروح القدس يجعلنا نمتليء بيسوع في داخلنا . نمتليء من معرفته،ونتأصل في محبته فنعرف محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي نمتليء إلي كل ملء الله (أف17:3-19) ونثبت في المسيح أكثر حسب نصيحة معلمنا بولس الرسول"ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله الذي ختمنا أيضا وأعطي عربون الروح في قلوبنا" (2كو21:1) .

2 - الامتلاء بالروح القدس يملأ الإنسان بالفرح والسلام :

بعد حلول الروح القدس علي الكنيسة الأولي في يوم الخمسين كانت حياتهم مملوءة بالفرح والابتهاج "كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب مسبحين الله" (أع46:2) ، "وأما التلاميذ فكانوا ممتلئين من الفرح والروح القدس" (أع52:13) ، ويصلي معلمنا بولس لأولاده في روما قائلاً "وليملأكم إله الرجاء كل فرح وسلام في الإيمان،لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس" (رو13:15) .

وبعد أن كلم الرب يسوع تلاميذه عن عمل الروح القدس في حياتهم بعد صعوده،قال لهم "كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم" (يو11:15) ، فالروح القدس يملأ النفس التي تخضع للمسيح وتثبت فيه بالفرح والسلام ، ليكون فرحها كاملاً (يو24:16).

يقول القديس الأنبا أنطونيوس "حينما يسكن الروح القدس في نفوس المؤمنين المطيعين للمسيح ، يهبهم راحة ويجعل نير المسيح حلواً لهم ولا يخافون من شيء.لأن فرح الروح القدس يهب لعقولهم سلاماً ، وبهذا الفرح تغلب النفس جميع أعدائها وتنتصر عليهم وتدوس مشورتهم تحت قدميها،ويكمل عليها قول نحميا النبي "لأن فرح الرب هو قوتكم" (نح10:8( .

3 - الامتلاء بالروح يثمر كل ثمر الروح :

"أما ثمر الروح فهو محبة.فرح.سلام.طول أناة.لطف.صلاح.إيمان.وداعة.تعفف" (غل22:5( .

أول ثمرة هي المحبة،لأن الروح القدس هو روح الله أي روح المحبة،لأن الله محبة،ومحبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس (رو5:5) ، فمن الطبيعي أن تكون أولي ثمراته هي المحبة .

وفرح الروح القدس يتميز بالفرح والسلام العميق في النفس ، مع هدوء وثقة شديدة في الرب.وقد علمنا الآباء القديسين أن وجود السلام والهدوء في النفس رغم الشدائد والأعاصير هو علامة سكني الروح القدس في النفس.يقول الأنبا أنطونيوس"حينما يحل الروح القدس في النفس تمتلىء تعزية وسلاماً " .

كل ثمر الروح هو صفات وفضائل السيد المسيح التي عاش بها علي الأرض ، وحينما نمتليء بالروح نثمر ثمر الروح أي تظهر حياة يسوع فينا،وكما قال معلمنا بولس الرسول "لكي تظهر حياة يسوع في جسدنا المائت" (2كو11:4) ، وهكذا "يقودنا الله في موكب نصرته في المسيح كل حين،ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان" (2كو14:2) .

4 - الامتلاء بالروح القدس يملأنا بالقوة الروحية :

قال الرب لتلاميذه"ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلي أقصي الأرض" (أع8:1) ، وكان قد سبق وأوصاهم قائلاً "أقيموا في أورشليم إلي أن تلبسوا قوة من الأعالي" (لو9:24) .

فامتلاء الإنسان بالروح القدس يعطيه قوة روحية فائقة ، تمكنه من العبادة بالروح والسلوك بالروح والخدمة المؤثرة والشهادة للمسيح بكل شجاعة،كما يعمل في السامعين لإقناعهم،يقول معلمنا بولس الرسول: "وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع، بل ببرهان الروح والقوة،لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله" (1كو4:2) ، ونري في يوم الخمسين خطاباً بسيطاً قصيراً لمعلمنا بطرس الرسول أمام الجموع التي احتشدت لتري أعجوبة حلول الروح القدس ، فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل:ماذا نصنع أيها الرجال الأخوة ؟ ، فقال لهم بطرس : "توبوا وليعتمد كل واحد منكم علي اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس. فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا،وأنضم في ذلك اليوم ثلاثة آلاف نفس" (أع2) .

بعد حلول الروح القدس علي الرسل ، تحولت حياتهم من الضعف واليأس والخوف ، إلي القوة والشجاعة ، "امتلأ الجميع من الروح القدس ، وكانوا يتكلمون بكلاك الله بمجاهرة وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع" (أع31:3) .

وسفر أعمال الرسل كله هو تسجيل لمظاهر قوة الروح القدس التي ظهرت علي الآباء الرسل وأفراد الكنيسة الأولي ، في خدمتهم وشهادتهم للمسيح واحتمالهم الاضطهاد من أجل المسيح .

إن من يقرأ سفر أعمال الرسل بقلب منفتح،يلمس بوضوح القوة الفائقة التي تنتج من الامتلاء بالروح القدس ، لأنه روح القوة .

يقول معلمنا بولس الرسول"الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح" (2تي7:1) ، وهذه القوة ليست للرسل فقط بل لكل مؤمن يطلبها بإلحاح"لكي يعطيكم الله بحسب غني مجده ، أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن" (أف16:3( .

ثمار الروح القدس تأتى أذن نتيجة لعمل الروح القدس في الإنسان، ونتيجة لاستجابة روح الإنسان لعمل روح الله فيه. وهنا نميز مثلاً بين المحبة التي هي من ثمر الروح، وأية محبة من نوع آخر. كذلك نميز بين السلام الحقيقي الذي هو من ثمر الروح، وأي سلام زائف. وهكذا مع باقي ثمر الروح فينا.

وكلما يزداد ثمر الروح، تزداد الحرارة الروحية في الإنسان.
وفى هذا المعنى يوصينا الرسول أن نكون "حارين في الروح" (رو 11:12)، لقد قيل عن الرب: "إلهنا نار آكلة" (عب 29:12). كذلك فالذي يسكن فيه روح الله، لابد أن يكون مشتعلاً بهذه النار المقدسة.


فإذ يحل الروح القدس في المؤمن يغرس فيه بذار الفضائل المعبر عنها بثمار الروح والتي قال عنها معلمنا بولس الرسول "أما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف" (غل5: 22)

فبذار هذه الفضائل قابلة للنمو فهي توجد في المؤمن بقدر معين، ثم تنمو فيه بالتمرين وممارسة التدريبات إلى قياس قامة ملء المسيح (أف4: 13)

التعليقات   

 
+1 #1 ميامي 2011-09-20 10:05
شكرا على هذا المقال الاكثر من رائع بصراحة فمسحة الروح القدس يجب ان تغطي كل مؤمن بالرب فالذي يصلي ويرنم ويسبح الله من كل قلبه فهو لديه مسحة من روح الله حتى يفعل كل هذا اصلي اننا نكوين حارين بالروح ونكون ممتلئين دوما من الروح وتكون حياتنا كلها هي مفعمة بالروح القدس
اقتباس
 

أضف تعليق

لا يسمح بالكلمات التى يتطاول فيها صاحب التعليق على فكر او معتقد او شخص بعينه.. كما لا يسمح بنشر التعليقات التى تتضمن الفاظ تتنافى مع الاخلاق و الاداب العامة


كود امني
تحديث

Facebook

Twitter

Facebook

YouTube