كان قدرها

طباعة

كان قدرها أن تعيش وحيدة بعيدة عن عائلتها في مدرسة خصصت لمن هم في مثل ظروفها ومن هنا كان الإصرار على إثبات الذات والتأكيد على انها ليست عارا او كمن لا حاجة له كما اعتاد الناس أن يتعاملوا مع الكفيف. فقررت إكمال دراستها الثانوية لتلتحق بعدها بكلية الآداب جامعة عين شمس قسم الحضارات وتصر بعد التخرج على العمل والاعتماد على ذاتها، حيث تم تعيينها ضمن فئة 5% من المعاقين الذين تقبلهم الهيئات الحكومية للعمل بها، في ذات الوقت الذي ألهمها القدر بفكرة إصدار جريدة للمكفوفين من المصريين الذين تقدرهم بعض الإحصاءات بنحو مليون و800 ألف كفيف لتكون بذلك الجريدة الأولى في مصر التي تقدم لهم الخدمة الصحافية بطريقة برايل والتي صدرت في 15 من شهر ابريل عام 2005 لتتوالى طبعاتها الشهرية والتي وصلت حتى الآن إلى ثمانية أعداد يتم طرحها مع جريدة وطني القبطية. الا أن وطني برايل حرصت على عدم تقديم أي مادة دينية حتى تكون لكل المكفوفين المصريين أقباطا ومسلمين كما تقول شريفة مسعود مديرة تحرير جريدة وطني برايل التي لا يبادرك الشك للحظة واحدة في أنها كفيفة لا ترى فهي تمتلك من البصيرة والثقافة التي تمكنها من التعامل مع الواقع المحيط بها كالمبصرين. فكرة أصدر صحف بطريقة برايل لمخاطبة المكفوفين ليست وليدة اليوم فالعديد من الصحف العالمية يقدم تلك طبعات خاصة للمكفوفين بطريقة برايل الى جانب طبعاتها العادية وبخاصة بعد أن بلغت أعداد المكفوفين في العالم حسب تقارير منظمة الصحة العالمية نحو 52 مليون كفيف من بينهم 45 مليونا في دول العالم النامي. أما في منطقة الشرق الاوسط _ فلا تعد أيضا جريدة وطني برايل الأولى في المنطقة، فقد سبقتها جريدة السفير العربي السعودية في إصدار نسخة للمكفوفين وكذلك جريدة إيران سبيد الايرانية . إلا أن أهمية وطني برايل تأتي نتيجة لكثرة عدد المكفوفين في مصر وبخاصة من القادرين على القراءة والكتابة إلى جانب محاولتها تقديم الأخبار والتحقيقات التي يقرأها القارئ في الصحف العادية إلى المكفوفين مع إمدادهم ببعض المعلومات والخدمات الخاصة بهم بشكل عام في مجتمع يتم التعامل فيه مع الكفيف على انه عار يجب التخلص منه او تجاهل وجوده لما يمثله من عبء على الأسرة. وتقول شريفة مسعود ليس من السهل كما قد يتصور البعض اصدار جريدة تخاطب المكفوفين بطريقة برايل لانها مكلفة للغاية الى جانب انها تحتاج الى وقت أطول في الأعداد وأضافت: الا انني أعرف مدى شوق الكثير من المكفوفين لقراءة الجريدة وتصفحها. فالكفيف يمكنه الاستماع الى الاخبار والمعلومات في الراديو او التلفزيون ولكن القراءة لها خصوصية تميزها عن غيرها من وسائل الأعلام والتثقيف لأنها تتيح للإنسان التعرف على الحدث من كافة الوجوه وتكوين رأي خاص به من خلال ما يقرأ. وتشير شريفة الى ان جريدة وطني برايل التي تصدر في شكل شهري توزع بالمجان على العديد من الجهات ذات الصلة بالمكفوفين على الرغم من تكلفة النسخة الواحدة التي تبلغ نحو 9 جنيهات مصرية اي ما يعادل دولار ونصف الدولار. أما السبب في عدم طرحها للبيع فهو عدم حصولها حتى الآن على رخصة من المجلس الأعلى للصحافة. العمل في جريدة وطني برايل يسير وفق معايير العمل الصحافي المعتادة من جمع الأخبار والتنسيق فيما بينها واختيار الأفضل منها وتحريرها وفقا للقواعد المهنية المعروفة في عالم الصحافة الا انه يزيد عليها في شيء واحد هو أسلوب الطبع . حيث تتم كتابة المقالات من خلال طريقتين اما الالة الكاتبة الخاصة بالمعاقين بصريا وهي ذات حروف بارزة أو من خلال طريقة برايل من خلال قالب خاص مقسم إلى ستة ثقوب متتالية يتم العمل فيه من خلال حفظ مواقع الثقوب الستة فالثقب الأول والثالث والرابع على سبيل المثال يعني حرف الميم . والثقب الثاني والرابع والخامس يعني حرف الجيم وهكذا .. بعدها يتم إرسال الموضوعات الى المطبعة حيث يتم استخدام أوراق من الألومنيوم من أجل حفر الكلمات على الورق ليستطيع المكفوفون قراءتها عبر حاسة اللمس.

,يذكر أن طريقة برايل كانت قد بدأت في الظهور كوسيلة للكتابة بين المكفوفين في القرن التاسع عشر بعد محاولات عديدة من الفرنسي لويس برايل الذي كان قد فقد بصره وهو طفل في الثالثة من عمره وكان ذلك عام 1812وقد اعتمد لويس في طريقته على الشفرة العسكرية التي كان قد اخترعها الضابط الفرنسي بيير لسكي. وعلى الرغم من أهمية تلك الوسيلة الا أنها واجهت العديد من الصعوبات في سبيل نشر العمل بها بين المكفوفين في المدارس. من بين تلك الصعوبات عدم توافر الأماكن الخاصة بتعلم تلك اللغة وضرورة تعلمها بعد ساعات اليوم الدراسي. أما الكتابة ببرايل في اللغة العربية فقد عرفت طريقها في العالم العربي في منتصف القرن التاسع عشر حيث حاول المهتمون بتعليم المكفوفين تلك الطريقة في الكتابة التوفيق بين أشكال الحروف المستخدمة في الكتابة العادية وشكلها في الكتابة النافرة. وبهذه الطريقة نقلوا عددا من الكتب إلا أن هذه الطريقة لم تنتشر على نطاق واسع الا مع قيام منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة لهيئة الأمم المتحدة في عام 1951 بتوحيد الكتابة النافرة بقدر ما تسمح به أوجه الشبه بين الأصوات المشتركة في اللغات المختلفة. وهو ما نتج عنه النظام الحالي للرموز العربية