) فقد نال الوحي والتنزيل كله ، ومنذ مولده : ( آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) مريم 31 ، وذلك بأنه تعالى ( يعلمه الكتاب والحكمة ، والتوراة والإنجيل) ال عمران 48 ، بينما غيره تعلم الكتاب كهلا . وكانت (نعمة) خاصة من الله للمسيح : ( واذكر نعمتي عليك وعلى والدتك….. إذ علمتك الكتاب والحكمة ، والتوراة والإنجيل) المائدة 113.
وللمفسرين مذاهب في تفسير التعبير ، ومحصلها أنه نال الوحي والتنزيل كله ، لا بعضه ، أو جزءًاً من الكتاب ، فلا يقال فيه : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ، بل العلم كله.
2) وامتازت رسالته على الرسالات جميعا بتأييد روح القدس له ، ( إذ أيدتك بروح القدس ، تكلم الناس في المهد وكهلا ) المائدة 113. فبرهان تأييد روح القدس له ، النبوة طفلا وكهلا ، أي ( من غير ان يتفاوت كلامه في هذين الوقتيين ؛ وهذه خاصية شريفة كانت حاصلة له ، وما حصلت لأحد من الأنبياء قبله ولا بعده) (الرازي) .
ومن نتائج تأييد روح القدس له المعجزات البينات : ( وآتينا عيسى ابن مريم البينات، وأيدناه بروح القدس) البقرة 87 و 253، فقد جعل معجزاته سبب تفضيله أنها آيات واضحة ومعجزات عظيمة لم يستجمعها غيره ) (البيضاوي ) .
وكان تأييد روح القدس لجميع الرسل يقتصر على حال الوحي ؛ بينما تأييد روح القدس للمسيح كان دائما في سيرته ورسالته ، في جميع أقواله وأعماله وأحواله ، يسير معه حيث سار ) (الجلالان)، ( لا يفارقه ساعة ) (الرازي) .
وهناك تأييد شخصيته نذكره بعد حين .
3) وامتازت رسالته باستجماع المعجزات البينات ، منها ما تفرق عند غيره ، ومنها ما انفرد بها على المرسلين أجمعين : ( ورسولا إلى بني إسرائيل قد جئتكم بآية من ربكم : أني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فانفخ فيها فيكون طيرا بإذن الله – وأبرئ ألاكمه والأبرص = واحيي الموتى بإذن الله – وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم : ان في ذلك لآية لكم ان كنتم مؤمنين ) ال عمران 49 ، قابل مائدة 113.
يذكر أربعة أنواع من المعجزات : الخلق ، والإبراء ، والأحياء ، وعلم الغيب .
فالقدرة الإلهية فيه على الإبراء كانت فوق طاقة البشر والمخلوقين ، وخص بالذكر منها إبراء ألاكمه الأبرص .
( وروى انه عليه الصلاة والسلام ربما اجتمع عليه خمسون ألفا من المرضى ، من أطاق منهم أتاه ، ومن لم يطق أتاه عيسى . وما كانت مداواته إلا بالدعاء وحده ) البيضاوي ؛ (فأبراء في يوم خمسين ألفا بالدعاء ، بشرط الايمان) الجلالان .
والنوع الثاني علم الغيب ، وهذا قد انفرد به عيسى : ( وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ) . ونعرف من الإنجيل ان علم الغيب في المسيح كان يشمل غيب الخالق والمخلوق .
النوع الثالث أحياء الموتى . والتعبير يأتي بالفظ الجمع . فلا يقتصر على حادث فرد ، كما جرى لأليشع (اليسع) .
إنما كان أحياء الموتى فيه قدرة إلهية خاصة شاملة . وكانت قدرة إلهية فيه ، ولو قيد فعلها (بأذن الله) ! .
وهذه القدرة الإلهية ترفع المسيح على المرسلين أجمعين . كذلك يشهد لها القران مرتين .
النوع الرابع ، وهو الأول في الذكر : ( إني اخلق لكم ) ، معجزة خلق الطير من الطين بنفخة من فمه القدوس ، هي معجزة المعجزات التي لا يذكر القران مثلها لأحد من العالمين . وهي قدرة إلهية فيه ، ولو قيدها (بإذن الله) . ونلاحظ ان القران لا يستخدم تعبير الخلق إلا بحق الله ، سبحانه ، وبحق المسيح معه : (اني اخلق لكم ) ؛ ويكررها (اذ تخلق) المائدة 113، حيث الله تعالى نفه يشهد للمسيح بالخلق ، (بإذني) . لقد إذن له الله (فخلق) . وهذه الميزة الفريدة ، بل القدرة الالهية ، ترفع المسيح فوق المخلوقين أجمعين . فالقران دعوة لله وللمسيح معه .
تلك هي الخصائص الثلاث التي امتاز وانفردت بها رسالة المسيح.
4 _ للمسيح في بشريته ثلاث صفات :
الزكي ، المبارك ، البتول .
قال الملاك لأمه وهو يبشرها به : ( إنما أنا رسول ربك لأهب (ليهب) لك غلاما زكيا ) مريم 18 أي ( مزكى بالنبوة ) الجلالان ؛ ( طاهر من الذنوب ، او ناميا على الخير أي مترقيا من سن الى سن على الخير والصلاح ) البيضاوي . نلاحظ ان ابن مريم (طاهر من الذنوب ) منذ البشارة بالحبل به ، فقد ولد على العصمة الأصلية ؛ وعاش أيضا على العصمة الفعلية في ذاته وفي سيرته وفي رسالته ؛ بينما تقتصر عصمة الأنبياء غيره على العصمة في الوحي والتنزيل ، لا في السيرة ولا في الشخصية ، كما قيل في النبي العربي ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) الفتح2 . وتلكما العصمة الأصلية والفعلية في المسيح يؤكدها ايضا في قوله: ( وأعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) ال عمران 36؛ ( وفي الحديث عن ابو هريرة: ما من مولود يولد الا مسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا ، الا مريم وابنها . رواه الشيخان . فالكتاب والحديث يشهدان بعصمة المسيح منذ مولده .
2) والمسيح يشهد لنفسه منذ مولده : ( وجعلني مباركا أينما كنت) مريم 30. فهو المبارك على الدوام ، فبركة الله كلها تحل عليه، حتى صار ( نفاعاً ، وقيل معلما للخير) الزمخشري . ومن بركات الله عليه (أوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) مريم 30 ؛ فهو رجل الصلاة ، ورجل الزكاة من كل إثم مدى حياته . لذلك يعتبره الصوفيون ( سيد الأولياء ) بل (ختم الأولياء) .
1) والمسيح هو البتول ، ابن البتول . فقد ولد بتولا ، وعاش بتولا ، وارتفع إلى السماء بتولا . لأنه عاش بتولا ، او كما يقول في سابقه المبشر به ، يحيي بن زكريا (حصورا) أي ( مبالغا في حبس النفس عن الشهوات والملاهي ) البضاوي ؛ فقد ارتفع فوق حاجة الرجل إلى حواء ، بحسب الحديث : (المرأة شر كلها وشر ما فيها انه لا بد منه) . وهذه خاصية انفرد بها وحده بين البشر . فتلك صفات ثلاث للمسيح في بشريته ، انفرد بها على العالمين وعلى المرسلين أجمعين .
5) _ للمسيح في رسالته ثلاث ميزات أيضا : انه ( المثل) الذي أعطاه الله ؛ و (الوجيه في الدنيا والآخرة ، (ومن المقربين) .
1) المسيح هو المثل في الحياة : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ . الزخرف 57-59. فالقران يضرب ابن مريم مثلا للعرب ، أي يدعوه له _فالقران دعوة للمسيح _ فضجوا وضحكوا (وقالوا : أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ)
يفسره قوله : (لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون) النساء 170. فآلهتهم التي يفاضلون بها دعوة القران للمسيح هم الملائكة المقربون . ولم يجعل الله الملائكة مثلا للبشر . إنما جعل ابن مريم وحده (مثلا لبني إسرائيل) ومن ورائهم للعالمين ، كما يقدمه القران للعرب . ولا يصح مثلا في الحياة للعالمين إلا من جعله الله مباركا أينما كنت ، وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) . ينما النبي العربي كان (أسوة حسنه) في الجهاد .
2) وكان المسيح (وجيها في الدنيا والآخرة)
ان المسيح بشخصيته ورسالته (وجه) الدنيا والآخرة : ( وجيهاً ذا وجه (في الدنيا) بالنبوة (والآخرة) بالشفاعة والدراجات العلا) الجلالان ؛ (الوجاهة في الدنيا النبوة وفي الآخرة الشفاعة (البيضاوي) ؛ الوجاهة في الدنيا النبوة والتقدم على الناس وفي الآخرة الشفاعة وعلو الدرجة في الجنة ) (الزمخشري) ؛ ((الوجاهة في الدنيا هي النبوة او استجابة دعائه ، أو براءته من العيوب ! وفي الآخرة الشفاعة ، او علو درجته ومنزلته ، او كثرة ثوابه ) (الرازي).
فالمسيح في الدنيا وجه الناس بالنبوة والتقدم عليهم وبراءته من العيوب ، واستجابة دعائه فهو المشفع للأنام ؛ وفي الآخرة هو وجهها ، بالشفاعة في يوم الدين _ وهذا بالإجماع _وهو دور لا يصرح به القران الا للمسيح وحده ، مع الملائكة المقربين ، لأنه في ذاته أحدهم ( النساء 170 و171) ؛ وهو وجه بكثرة ثوابه ؛ وهو أخيرا وجه الجنة لعلو درجته فيها ، وجلوسه في الدرجات العلا منها . فالوصف يرفع المسيح فوق المخلوقين في الدنيا والآخرة ، وجها وجاها .
3) والمسيح (من المقربين) كذلك في الدنيا والآخرة . وقد يعني التعبير (المقربين) لدى الله على العموم . إنما يعني على الخصوص (الملائكة المقربين) بصفة كونه ( كلمته وروحا منه)النساء 170-171 . وبالتصريح بأنه (روح منه) تعالى ، أي ملاك من ( الملائكة المقربين ) يرفعه القران فوق البشر والمرسلين أجمعين ؛ وبما انه ( وجيه في الآخرة) فهو وجه (الملائكة المقربين ) أنفسهم ، وهذا يرفعه فوق المخلوقين .
فتلك ميزات ثلاث للمسيح في رسالته ومنزلته ، ينفرد بها على المخلوقين أجمعين .
6) _ للمسيح في سيرته ثلاث مواقف يشمله فيها سلام الله كله:
( والسلام علي يوم ولدت ، ويوم أموت ، ويوم ابعث حياً) ( مريم 32).
يقول في يحيي بن زكريا : ( وسلام عليه يوم ولد ، ويوم يموت ، ويوم يبعث حيا) ( مريم 14) .
والفروق بين يحيي وعيسى كثيرة . فيحيي يقول فيه (سلام عليه) على النكرة التي تفيد التبعيض ؛ أما المسيح (فالسلام) عليه ، على المعرفة التي تقتضي الشمول والكمال : فسلام الله كله يحل عليه في تلك المواقف الثلاثة × وهذا برهان انفراده ومنزلته الوحيدة فيها . و (سلام عليه) خبر عن يحيي ؛ أما المسيح فهو الذي يشهد لنفسه بمعجزة نطقه في مهده ان سلام الله كله سبر افقه في سيرته ورسالته كلها ؛ وهذا ما لا يشير القران بشيء منه إلى غيره . وقد اختص بالذكر تلك المواقف الثلاثة ( لأنها أوحش المواطن) الزمخشري ، وفي ذكرها كناية عن غيرها . فسلام الله كله يشمل المسيح في سيرته ورسالته وشخصيته جميعاً ؛ ومعجزة نطقه بها في مهده برهان تحقيق الله لها .
1) (والسلام علي يوم ولدت )! هذا ختام قصة مولد المسيح المعجز .
والأعجاز يكتنفه من كل جهة. جبريل ، احد المقربين ، يبشر أمه ؛ وهذا لم يحدث لرسول . وأمه وحدها في القران خاتمة الذرية المصطفاة على العالمين (ال عمران 33) ، ووحدها يقول فيها : (ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) ال عمران 42 ، فقد اصطفاها ، أولا بمولدها في حال العصمة ؛ ثم اصطفاها لمولدها المعجز للمسيح . ومولد المسيح المعجز لا مثيل له في أخبار القران كلها ، انفرد به على العالمين والمرسلين ، فاستحق سىم الله كله عليه .
2) (والسلام علي …يوم أموت ) : لقد استحق بعض هذا السلام سابقه والمبشر به يحيي بن زكريا ؛ أما المسيح فيستحق كله في يوم موته لأنه موت معجزة ، (إذ قال الله : يا عيسى اني متوفيك ورافعك إلى) ال عمران 54.
وهذا ما لم يحصل ليحيي ولا لغيره من الرسل ، بل انفرد به المسيح وحده . وحده المسيح لم يخضع لسلطان الموت بينما كل العالمين والمرسلين ، بسلطان الموت مقهورون . وانتصار المسيح على سلطان الموت يستحق سلام الله كله.
3) والسلام علي … يوم ابعث حيا) . وهذا البعث حيا يتم للحال بعد وفاته : (إذ قال الله : يا عيسى اني متوفيك ورافعك إلي) العمران 42 ، بينما جميع الرسل ، ويحيي نفسه ينتظرون البعث في اليوم الآخر . فالمسيح وحده في العالمين والمرسلين مبعوث حيا منذ ألفي سنة . وهذا البعث يقترن بالرفع إلى الله في السماء : ( بل رفعه الله إليه ) النساء 156. قال الرازي على ال عمران 55-56 : واعترفوا بأن الله تعالى شرف عيسى بهذه الآية بصفات: الأولى الوفاة المعجز ؛ الثانية الرفع إلى ملكوت الله ، إلى محل كرامته تعالى ، وجعل ذلك (رفعا) إليه للتفخيم والتعظيم ؛ الثالثة تطهيره من الذين كفروا ، وكما عظم شأنه بلفظ الرفع إليه ، اخبر عن معنى تخليصه منهم بلفظ التطهير والرابعة تفوق المؤمنين بالمسيح على الكافرين به ، بالقهر والسلطان والاستعلاء إلى يوم القيامة ، وبالحجة والبرهان والفوقية بالرفعة والدرجة . انه تعالى بشر عيسى عليه السلام بأنه يعطيه في الدنيا تلك الخواص الشريفة والدرجات الرفيعة العالية ؛ واما في القيامة فانه يحكم بين المؤمنين به وبين الجاحدين برسالته .
وهكذا يكون الايمان او الكفر بالمسيح من موازين يوم الدين ؛ وهذا يرفع المسيح فوق المخلوق إلى الخالق ملك يوم الدين . فتلك مواقف ثلاثة للمسيح في سيرته ومصيره لا يطاله فيها أحد من العالمين .
7) _ للمسيح أخيرا ثلاثة حالات في شخصيته ترفعه على المخلوقين : تأييده بروح القدس ، واختصاصه بالقدرة الإلهية على الأحياء والخلق ، وانفراده بالرفع إلى الله في السماء . ذكرناها بالسبة لسيرته ورسالته ؛ والآن نفصلها بالنسبة لشخصيته في ذاته .
1) (وأيدناه بروح القدس) البقرة 87 و253 قابل المائدة 110. قال البيضاوي : (أراد به جبريل ، أو روح عيسى ، ووصفها به لطهارته من مس الشيطان ، أو لكرامته على الله تعالى ولذلك أضافها إلى نفسه ؛ أو لأنه لم تضمه الأصلاب ولا الأرحام الطوامث) . قال الزمخشري : ( بروح القدس أي الروح المقدسة ، ووصفها (بالقدس) كما فال (وروح منه) فوصفه بالاختصاص والتقريب للكرامة) . وقال الرازي : ( فيه ثلاثة أقوال ، منها قول أبي مسلم : ( ان روح القدس الذي أيده به يجوز ان يكون الروح الطاهرة التي نفخها الله تعالى فيه وأبانه بها عن غيره ممن خلق من اجتماع نطفتي الذكر والأنثى ).
فمن معاني التعبير: (أيدناه بروح القدس) انه روح عيسى ، وهي (روح الله) كما قال الحسن ، (والاسم الأعظم الذي كان يحيى به عيسى عليه السلام الموتى) كما قال ابن عباس . والرازي يقابل التعبير بالصفة (روح منه) النساء 170
وفي الوجه الخامس من معانيه يقول : ( روح منه ، ادخل التنكير في لفظ (روح) ولذلك يفيد التعظيم ؛ فكان المعنى : روح من الأرواح الشريفة القدسية العالية . وقوله ( منه ) إضافة لذلك الروح إلى نفسه تعالى لأجل التشريف والتعظيم) . فروح القدس هو روح الله الذي تكون منه عيسى ؛ فليس روحا إنسانية ؛ إنما هي فوق الإنسان ، بل
فوق الملاك ، لأنها (روح القدس) أي الله (روح منه) أي صادرة منه تعالى (البيضاوي) .
2) (وإذ تخلق بإذني … وأذ تحيي الموتى بإذني) المائدة 110.
فالقران ينسب للمسيح القدرة الإلهية على الأحياء وعلى الخلق ، ولو قيدها (بإذني) أو ( بإذن الله) .
فهي قدرة ذاتية وصفوها (بالاسم الأعظم) الذي كان به عيسى يخلق ويحيي . فروح القدس ، الاسم الأعظم ، الذي به يخلق المسيح ويحيي ، هو ذاته السامية التي ترفعه فوق المخلوق إلى صله ذاتية خاصة بالخالق نفسه ، سبحانه وتعالى.
3) (ورافعك إلي) ال عمران 55 (بل رفعه الله إليه) النساء 157.
قال الرازي : ( ورفع عيسى عليه السلام إلى السماء ثابت بهذه الآية ؛ ونظير هذه الآية قوله في ال عمران ( اني متوفيك ورافعك إلي ) . ودل ذلك على ان رفعه إليه اعظم في باب الثواب من الجنة ومن كل ما فيها من اللذات ) . فقضية رفع المسيح حيا إلى الله نفسه في السماء ثابتة بنص القران القاطع ، مهما تحذلك المفسرون المعاصرون الذين يحاولون عبثا التقليل من هذه الحقيقة التي ترفع المسيح وحده – من دون العالمين – إلى جوار الله في سمائه وخلوده وحياته الصمدانية .
فتلك الحالات الثلاث في شخصية المسيح ، بحسب القران ، تجعله اقرب إلى الخالق منه إلى المخلوق ، كما سيتضح أيضا من صفاته الذاتية .